الثلاثاء، 24 مارس 2015

مسيرة حياة : الجزء الأول (ذكريات )

قبل أن أنهي الفصل الأخير في الجامعة وعدت الزملاء أن أكتب عن تجربتي الجامعية في تدوينة احكي بها الظروف التي مررت بها في دراستي الجامعية لكن وبعد الإنتهاء من الدراسة وإلى الأن أجدني عاجزا عن الكتابة فعندما تكتب عن ذاتك يعني أن تعري ذاتك بنفسك وهذا يحتاج إلى شجاعة فائقة جدا، إذ ليس من السهل أن تقف عاريا أمام الجميع ليقرأوك بكل التفاصيل التي تتيحها لهم والكلمة التي تكتبها ليست ملكك بعد أن يقرأها غيرك. لكن لا بأس من مشاركة تجاربنا مع الأخرين لعلنا نشاركهم بعض الأسى أو نلهمهم الصبر وهنا لا أستطيع سوى أن أنبش في الذاكرة لأستحضر بعض المواقف الجميلة والسيئة أيضا منذ بداية دراستي في المدرسة حتى نهاية الجامعة . أستطيع أن أتذكر الأن رحلتي لتسجيلي في المدرسة في الصف الأول بصحبة والدي في سيارة بيكب غمارتين سوداء اللون كنت خائفا ومتوجسا من شئ ما, من عالم غريب يفترض أن أدخل عوالمه بعد سنة من ذلك التسجيل ، كان من ضمن بروتوكولات التسجيل زيارة للمستشفى من أجل عمل فحص طبي وتسليم ملف أخضر توضع به الأوراق المخرمة مع صورة شمسية يرافق الملف الطالب حتى أخر سنة دراسية. درست الصف الأول والثاني دراسة مسائية مختلطة حسب النظام المعمول به في أغلب مدراس السلطنة في ذلك الوقت، في الصف الثاني علمتني معلمة اسمها جميلة لا زلت أحتفظ لها بموقف في الذاكرة حيا حتى الأن . أول هدية تلقيتها من المدرسة في الصف الأول قلم رصاص خشبي بني اللون كسره أحد أخوتي بسبب ضرابة بيننا وأذكر انني بكيت كثر فذلك القلم هو أولى الإنجازات في الحياة ولا أذكر مناسبته الأن . من الأشياء الجميلة معنا في البلد في ذلك الزمن الجميل وجود مكتبة عامة، كانت بالنسبة للأغلب ملاذ يلجؤن إليه للترفيه فلم يكن هناك وجود لأجهزة الحاسب الألي وفترة شهر رمضان هي الفترة الذهبية للمكتبة حيث تقام فيها بعض المناشط بعد صلاة العصر وتملتئ المكتبة عن أخرها، ومن ضمن المناشط أسئلة ثقافية متنوعة تكون بالقرعة وفي المرة الوحيدة التي سئلت فيها كان السؤال : كم عدد الكليات في الجامعة ؟ لم أكن أعرف الجواب وأنا في الصف الثالث لكن أحدا من الحضور أشار إلي بيديه رقم 7 وكانت الإجابة صحيحية وأخذت هدية بسيطة عبارة عن دفتر مذكرات صغير لكن المشرف على المكتبة انتبه للشخص الذي أعطاني الجواب وعنفه. استمرت علاقتي مع هذه المكتبة وأنا طالب في المدرسة حتى الصف العاشر تقريبا عندما بدأت أجهزة الكمبيوتر تغزونا وأدمنا لعبة سوبر ماريو وبدأت العلاقة مع الكتاب تبهت كثيرا. في الحقيقة كنت مضطرا للقراءة كنوع من الترفيه وفي تلك الفترة من الحياة قرأت كتاب المستظرف وتحفة الأعيان والإباضية في موكب التاريخ لعلي يحي معمر وبعض روايات رجل المستحيل. وعلى الرغم من كل هذا لكني أجزم أنني لم أكن أمتلك وعيا كافيا بالحياة بالنسبة لشخص يقرأ ولم يكن لدي طموح أبدا حتى الصف العاشر فعندما اسأل ما هو طموحك أجيب " ما مستعجلين لكل حادثة حديث " وكان هذا ربما هو أسوء شي ارتكبته في حياتي فالمرء من دون طموح لا ينجز شيئا وكما قال الجواهري : وكل مسيرة من دون غاي * مطمح خجل

في فترة الصف العاشر قرأت كتاب حديث السمر للمرحوم يحي البهلاني وهو كتاب جميل جدا عرفني بالكثير من التاريخ والشعر العماني رغم أنه لا يحي إلا على مقتطفات غير كاملة منه عرفت الستالي والنبهاني . أذكر أنني كنت أردد شطر بيت لابن شيحان  " وقفنا حيارى والقلوب وديعة ... وقلته لأحد الأساتذة المراقبين لنا في امتحانات الصف العاشر قال لي " من كذا انته ما فلحت " والغريب أن نفس الأستاذ راقب لي أحد الإمتحانات في الصف الثاني عشر وقلت له نفس الشطر مع إكمال الشطر الأخر : وقفنا حيارى والقلوب وديعة * بها نتقاضاها حقوق المرابع . وحتى تلك المرحلة من الحياة لم أكن عرفت أي تيار ثقافي أو مصطلحات ثقافية لم تكن تهمني فأول مرة سمعت بها كلمة العولمة كانت من مديرنا في المدرسة وأنا في الصف الثاني عشر ولم أكن أعي معناها تماما. ومن الأشياء الغريبة في المرحلة الثاني عشر أن أصعب امتحان مر علينا في كان امتحان الكمياء وحصل أغلب المتفوقين في المدرسة على درجة النجاح فقط 50 درجة ما عدا قلة قليلة كنت من بينهم وصلنا 64 درجة وواحد فقط في المدرسة وصل 75 درجة مع انني لم أكن مهتما كثير بالمذاكرة لكني أكثر ما كان يريحني في تلك الفترة أن الإمتحانات تستطيع أن تحلها بطريقة التحليل بمعنى استنتاج القوانين من بعضها البعض، وهكذا مرت مرحلة الدارسة في المدرسة بتفاصيل مثيرة لكنها لا تتعدى حدود القرية الصغيرة لأنهي دراستي المدرسية بنسبة 85% لتبدأ بعدها مرحلة أخرى في الحياة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق