أبلة حكيمة جايه ،
مجرد ذكر الإسم يثير الرعب في نفوسنا جميعا ، بل أكاد أقسم أن جدران المدرسة ترتعد خوفا من
أبلة حكيمة وهي تطوف بالمدرسة من بداية الدوام وحتى نهايته ولا نكاد أ نراها حتى نسرع في الإختباء .
تمشي واثقة من نفسها ترفع عصاها في الهواء فنرى في
تلك العصا النحيلة كل الأشياء التي يدعي البشر أنهم لا يرونها بقدر ما يتألمون
منها ، نرى الألم والغضب نرى الخوف
والبكاء ومع ذلك نعترف أنه لا يمكن لأبلة حكيمة أن ترفع عصاها على تلميذ ما لم يكن
مخطئا .
أذكر ذات مرة أنني
هربت من حصة اللغة العربية بعد ما استطاع عزان أن يقنعني أنه من الصعب اكتشاف
أمرنا . ذهبنا لمطعم قريب من المدرسة واشترينا شوارما وبيبسي ، دخلنا المدرسة من
الجدار الخلفي رأينها أمامنا وكأنها تنتظرنا منذ زمن ، لا شئ يخفى على هذه المرأة " انتو ما تفهمو الهروب من المدرسة ممنوع
وأكل المطاعم مضر بخليكم تنسيو إنه شئ هنا مطعم يمكن تطلعو من المدرسة عشانه
" بكيت كثيرا بعد أن تلقيت عشر جلدات في كل يد ، لم أسطتع إخبار أمي حتى لا
أحصل على عشر أو عشرين جلدة أخرى .
جائت إلينا زائرة في حصة اللغة الانجليزية ، تغير وجه الأستاذة فما من أحد لا يخشى هذه المراة في ذلك اليوم بذلت أستاذة اللغة الانجليزية كل ما لديها من طاقة لتشرح لنا درس الجرامر وافتقدنا في تلك الحصة اللغة العربية المصرية !.
جائت إلينا زائرة في حصة اللغة الانجليزية ، تغير وجه الأستاذة فما من أحد لا يخشى هذه المراة في ذلك اليوم بذلت أستاذة اللغة الانجليزية كل ما لديها من طاقة لتشرح لنا درس الجرامر وافتقدنا في تلك الحصة اللغة العربية المصرية !.
ذات يوم وجدت
نافذة سيارتها مكسورة ، أعلنت حالة طوارئ
في المدرسة كان كل واحد منا ينظر إلى الأخر وهو صامت أما هي فكانت تنتقل بين
الصفوف واستطاعت معرفة الفاعل " حمد ليش تكسر النافذة ما قايلة لكم لا تتعاقو
بالحصى الصبح قبل لا تدخلو من الباب ، أبوك بيصلح السيارة عشان باكر يعلمك كيف
تلعب الصبح قبل لا تدخل للطابور " بكى حمد وصرخ ، لم يشفع له أي شئ أمام تلك
المراءة الحديدية ، ذالك اليوم قلنا أنها ساحرة فكيف عرفت أن حمد هو الفاعل ولم
يخبرها أحد ولم تسأل أي واحد منا .
كبرنا نحن وبقيت
أبلة حكيمة على حالها شديدة الصرامة ، غيرو كل القوانين ، كل الكتب الدراسية حتى الطلاب تغيرو فلم يعودو
أشقياء مثلنا نحن لكنهم نسوا أن يغيروها هي ، أو هي تناست أن تتغير ، حتى مع الجيل الجديد أو كما نسميه نحن الجيل
الدلوع ، مرة جاء أحد الأباء غاضبا منها لأنها ضربت ولده وهو يتوعدها ، لم تفعل
شيئا أمسكته من يده وذهبت به إلى أمام باب المدرسة " كان باغي ولدك يتعلم في
هذي المدرسة بيتعلم وبيتأدب مثل غيره ولا سير دور له مدرسة ثانيه ".
كل ما نعرفه أن المدرسة أمتلئت بالحزن بكى الجميع بعد أن
عرفو أن أبلة حكيمة توفيت في حادث سير أليم ، وجدو في دولابها رسالة بعنوان إلى
طلابي وبناتي المعلمات :" أدري أنكم قد تكرهونني ولكني أحبكم جميعا ، أنا
مثلكم أقدر الأحاسيس أبكي وأتألم لكنني لا أستطيع أن أظهر هذا الشئ أمامكم أنتم
محظوظون لأنكم تعيشون حياتكم كبشر تضحكون وتبكون بثنائية لا يدركها إلا من حرم
منها ، للجميع مودتي ."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق