الخميس، 12 سبتمبر 2013

أحلام وأوهام

سنة كاملة مرت وهو لا زال يبحث عن وظيفة يستطيع من خلالها أن يكون إنسانا له كيانه المستقل وله زوجة وبيت وأولاد  والأهم من ذلك مكتبته التي يحلم بها . ومع ذلك تزيد أيام الانتظار . تخرج مع حمد في نفس اليوم  ، حمد قرر أن يقضي فترة انتظاره سائقا في صهريج المياه الذي يملكه  عمه مع 100 ريال يأخذها كراتب نهاية كل شهر ينفقها في تعبئة بترول سيارته للبحث عن وظيفة أخرى   ، هو رفض العمل في أي مهنة لا علاقة لها بتخصصه وإلا فما فائدة شهادة البكالورس التي يحملها وما فائدة الخمس سنوات التي قضاها في الجامعة وهو يدرس الفلسفة .
قال له عمه ذات يوم : إن أردت أن تحصل على المال وتعيش مرتاحا فعليك أن تبيع الكلام والأوهام للناس . الناس لا تريد فلسفة ولا حقائق ولا خرابيط . الناس يبحثون عن من يقدم لهموهما مخدرا يعيشون فيه  . " هذا طبع البشر يا ولدي روح واشترك في دورة تنمية بشرية في شهر وبتصير مدرب دولي وعندك شهادة بكالوريس فيها . شهر يعادل خمس سنوات وبترد ذهب من الدورة الواحدة بتاخذلك ألف ريال وانته مرتاح بيع الكلام مثل غيرك وخلي عنك سالفة المبادئ الي ترددها مثل الببغاء "

لن يبيع الكلام , لن يعمل في أي مهنة أخرى , لا يملك المال لكنه يملك همة عاليه وأفكار لا تنضب ، قرر أن يستغل وقته الفاضي في كتابة مقال يناقش أهمية بناء المجتمع بصورة حضارية وأهمية الفكر للإنسان ، أمضي ليله كاملا وهو يكتب ويمسح ويشطب ثم يعيد قراءة ما كتبه مرة أخرى . بعد ست ساعات متواصلة من التفكير والتمحيص رأى أن المقال اكتمل ويستحق النشر ، أرسله إلى مدير التحرير في الجريدة الصباحية ونام ليحلم بشكل المقال وهو يتوسط الصفحة الثقافية والردود التي سوف يثيرها وسيمتلئ بها بريده الالكتروني .

قام في الصباح ليقوم بجولته الاعتيادية عل مواقع التواصل الاجتماعي وعلى بريده الالكتروني وجد رسالة من رئيس التحرير " نعتذر عن نشر المقال بسبب أفكار لا يتقبلها المجتمع مع خالص إعتذاري ". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق