الجمعة، 5 أغسطس 2016

يرحلون ويبقى الأثر


لحظات الوداع دائما ما تكون صعبة خصوصا عندما يكون هذا الوداع هو الوداع الخير، ولكل شئ في الحياة قدسيته الخاصة لدى الإنسان وفي كل مكان ينزل فيه تتشكل الذكريات مع الأيام تباعا وتبدأ الذاكرة في اختزان المواقف الرائعة والسيئة على حد سواء فالذكريات ليست مشرقة دائما. ومكان عمل الإنسان هو واحد من أفضل الأماكن لتشكل الذكريات ولعمل العلاقات الرائعة فالموظف أحيانا يقضي في مكان عمله أكثر مما يقضي في بيته. وفي مكان العمل تتعدد الوجوه والجنسيات وتختلف الثقافات ويبقى الرابط الوحيد هو بيئة العمل وحسن التعامل . ومهما كان المكان جميلا ورائعا ومهما كانت بيئة العمل ممتازة ورائعة فلا بد من رحيل تتنوع أسبابه والرحيل واحد، فهناك من يقدم استقالته ليبحث له عن فرصة عمل في مكان أفضل وهناك من ينتهي عقده وبسبب الظروف الحالية تضطر الشركة للتخلي عنه وهناك من بلغ سن التقاعد. ومع كل رحيل دائما هنالك حزن خفي يخفيه الصمت وتفضحه العيون.
عندما افتح بريدي الالكتروني في الشركة وأتلقى رسالة من موظف انتهى عمله غالبا ما تكون مكتوبة باللغة الانجليزية مبتدئة " Today is my last day ..." أبدأ في استرجاع كل المواقف التي ربطتني بهذا الموظف، بعضهم ربما لا تربطني به علاقة أبدا ووالبعض كان طيب الأثر ووجوده له نكهه خاصة.أذكر أحد الموظفين الهنود معنا في الشركة كنا في فترة من الفترات نعمل معا بعدها انتقل في مشروع أخر يؤدي عمله في صمت وله ابتسامة لا تفارقه، تعرض لظروف مع عائلته أجبرته على الإستقالة لم أكن أعلم عن استقالته حتى يومه قبل الأخير في الشركة، أخبرني أن سيرحل في الغد ربما كان الكلام بسيطا لكن شيئا يجبرك على الحزن وعلى أن تدعو له بالخير والتوفيق. مع كل رحيل يختفي صوت ما،نغمة خاصة بأحدهم ربما كنت تسمعها كل صباح أو كلمة طيبة تركت فيك أثرا رائعا غير من مسار حياتك المهنية أو ربما ابتسامة في شفتين يجعلان يومك رائعا. هذا الرحيل هو رسالة لكل موظف ما زال على رأس عمله ليصنع  له أثرا طيبا له قبل أن يرحل وتبقى ذكرياته يتردد صداها في المكان،أن يؤدي عمله بكل اخلاص وتفان وأن يقترب من الجميع ينشر بينهم أثره الطيب: وكن رجلا إن أتو بعده * يقولون مر وهذا الأثر. إن تركت أثر سيئا لن يلتفت إليك أحد وستكون الخاسر الأكبر.
عطر الكلام : الحياة لا تتوقف فاصنع أثرك الطيب .